"المرأة الحديدية".. ساناي تاكايشي أول سيدة تتولى رئاسة الوزراء في اليابان
"المرأة الحديدية".. ساناي تاكايشي أول سيدة تتولى رئاسة الوزراء في اليابان
عيّنت اليابان ساناي تاكايشي، السياسية ذات التوجهات القومية، رئيسةً لوزراء البلاد، لتصبح بذلك أول امرأة في تاريخ اليابان تتولى هذا المنصب الرفيع، بعد أن نجحت في تشكيل ائتلاف سياسي جديد داخل البرلمان عقب مفاوضات مكثّفة في اللحظات الأخيرة.
وصوت مجلس النواب الياباني لأجل تاكايشي، البالغة من العمر 64 عاماً، في الجولة الأولى من التصويت، إذ حصلت على 237 صوتاً، متجاوزةً الغالبية المطلقة المطلوبة والمقدّرة بـ233 صوتاً، بحسب ما ذكرت وكالة فرانس برس، اليوم الثلاثاء.
وقد بدت رئيسة الوزراء الجديدة متأثرة بشدة خلال الجلسة، وانحنت مرات عدة احتراماً للنواب بعد إعلان فوزها.
مرحلة سياسية غير مسبوقة
سيُصبح تعيين تاكايشي رسمياً عقب لقائها الإمبراطور ناروهيتو في القصر الإمبراطوري بطوكيو في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء، لتبدأ بذلك مرحلة سياسية غير مسبوقة في تاريخ اليابان الحديث.
ورثت تاكايشي وضعاً سياسياً حساساً، بعد أن خسر الحزب الليبرالي الديمقراطي (اليمين المحافظ) الذي تترأسه، أغلبيته في مجلسي البرلمان نتيجة فضيحة مالية كبرى أدت إلى انسحاب حليفه التقليدي حزب كوميتو الوسطي من الائتلاف القائم منذ عام 1999.
ولضمان فوزها برئاسة الحكومة خلفاً لرئيس الوزراء المنتهية ولايته شيجيرو إيشيبا، سارعت تاكايشي إلى إبرام تحالف مع حزب الابتكار الياباني (إيشين) اليميني الإصلاحي، مانحةً بذلك دفعة سياسية جديدة لليمين الياباني الذي يسعى إلى استعادة ثقة الشارع بعد سنوات من التراجع الشعبي.
“امرأة حديدية” على خطى تاتشر
تُعرف تاكايشي بإعجابها العميق برئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر، حتى إن الإعلام الياباني يلقبها بـ“المرأة الحديد”، وقد وعدت في خطابها الأول بتشكيل حكومة تضم نسبة عالية من النساء “على النمط الإسكندنافي”، مؤكدة أنها ستعمل على “تعزيز الاقتصاد الياباني وجعل اليابان دولة مسؤولة تجاه الأجيال المقبلة”.
وتشير التسريبات الإعلامية إلى أن الوزيرة السابقة لتنشيط الأقاليم ساتسوكي كاتاياما، المعروفة بتوجهاتها المحافظة الصارمة، ستتولى حقيبة المالية في حكومتها.
تأتي خطوة تعيين تاكايشي في بلد يصنَّف في المرتبة 118 من بين 148 دولة على مؤشر الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025، إذ لا تتجاوز نسبة النساء في البرلمان الياباني 15%.
ورغم أن تاكايشي لا تُعد مدافعة تقليدية عن قضايا المساواة، إذ تعارض تعديل القانون الذي يُلزم الأزواج بحمل الكنية نفسها وتؤيد قصر الخلافة الإمبراطورية على الذكور، فإنها وعدت برفع الوعي الصحي حول التحديات التي تواجه النساء في منتصف العمر، بما في ذلك أعراض انقطاع الطمث، في خطوة لاقت ترحيباً نسائياً واسعاً في مسقط رأسها نارا.
ارتياح داخلي وتحديات
أبدت شريحة واسعة من المواطنين في نارا ارتياحها لتولي امرأة رئاسة الحكومة لأول مرة، وقالت المواطنة كيكو يوشيدا (39 عاماً): “آمل أن يُحدث هذا التغيير فرقاً حقيقياً، وأن يجعل اليابان مكاناً أسهل للنساء للعيش والعمل”.
لكن التحديات أمام تاكايشي هائلة، من بينها معالجة الانكماش الديموغرافي الحاد، وتنشيط رابع أكبر اقتصاد في العالم عبر سياسات مالية أكثر جرأة، مستوحاة من سياسات رئيس الوزراء الأسبق شينزو آبي.
ورغم مواقفها القومية السابقة، أبدت تاكايشي خلال الأسابيع الأخيرة لهجة أكثر اعتدالاً تجاه الصين، وامتنعت عن زيارة ضريح ياسوكوني المثير للجدل، في محاولة لتخفيف التوتر مع الجيران الآسيويين.
داخلياً، تسعى لتعزيز موقع حزبها أمام صعود حزب سانسيتو الشعبوي الصغير، الذي يصف الهجرة بأنها “غزو صامت”.
وبين طموحات “المرأة الحديد” وتوازنات البرلمان الهشة، تبدو ساناي تاكايشي أمام مهمة صعبة لإثبات أن قيادة امرأة يمكنها أن تُحدث تحولاً حقيقياً في بلد ظلّ لعقود طويلة حكراً على الرجال، وأن تفتح صفحة جديدة في تاريخ اليابان السياسي الحديث.










